فصل: الشاهد الثامن والتسعون بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.أسر تاج الملك لدبيس بن صدقة وتمكين عماد الدين زنكي منه.

كان بصرخد من أرض الشام أميرا عليها فتوفي سنة خمس وعشرين وخلف سريته واستولت على القلعة وعملت أنه لا يتم لها واستيلاؤها إلا بتزويج رجل من أهل العصابة فوصف لها دبيس فكتبت إليه تستدعيه وهو على البصرة منابذا للسلطان عندما رجع من عند سنجر فاتخذ الادلاء وسار إلى صرخد فضل به الدليل بنواحي دمشق ونزل على قوم من بني كلاب شرقي الغوطة فحملوه إلى تاج الملك فحبسه وبعث به إلى عماد الدين زنكي يستدعيه ويتهدده على منعه وأطلق سريج بن تاج الملك الملوك والأمراء الذين كانوا مأسورين معه فبعث تاج الملك بدبيس إليه وأشفق على نفسه فلما وصل إلى زنكي خالف ظنه وأحسن إليه وسد خلته وبسط أمله ويعث فيه المسترشد أيضا وجاء فيه الانباري وسمع في طريقه باحسان زنكي إليه فرجع ثم أرسل المسترشد يشفع فيه فأطلق.

.وفاة تاج الملوك بوري صاحب دمشق وولاية ابنه شمس الملوك إسماعيل.

كان تاج الملوك بوري قد ثار به جماعة من الباطنية سنة خمس وعشرين وطعنوه فأصابته جراحة واندملت ثم انتقضت عليه في رجب من سنة ست وعشرين لاربع سنين ونصف من امارته وولى بعده ابنه شمس الملوك إسماعيل بعهده إليه بذلك وكان عهد بمدينة بعلبك وأعمالها لابنه الآخر شمس الدولة وقام بتدبير أمره الحاجب يوسف بن فيروز شحنة دمشق وأحسن إلى الرعية وبسط العدل فيهم والله سبحانه وتعالى أعلم.

.استيلاء شمس الملوك على الحصون.

ولما توفى شمس الملوك إسماعيل وسار أخوه محمد إلى بعلبك خرج إليها وحاصر أخاه محمدا بها وملك البلد واعتصم محمد بالحصن وسأل الابقاء فأبقى عليه ورجع إلى دمشق ثم سار إلى باشاش وقد كان الافرنج الذين بها نقضوا الصلح وأخذوا جماعة من تجار دمشق في بيروت فسار إليها طاويا وجه مذهبه حتى وصلها في صفر سنة سبع وعشرين وقاتلها ونقب أسوارها وملكها عنوة ومثل بالافرنج الذين بها واعتصم فلهم بالقلعة حتى استأمنوا وملكها ورجع إلى دمشق ثم بلغه أن المسترشد زحف إلى الموصل فطمع هو في حماة وسار آخر رمضان وملكها يوم الفطر من غده فاستأمنوا وملكها واستولى على ما فيها ثم سار إلى قلعة شيرز وبها صاحبها من بني منقذ فحاصرها وصانعه صاحبها بمال حمله إليه عنه وسار إلى دمشق في ذي القعدة من السنة ثم سار في محرم سنة ثمان وعشرين إلى حصن شقيق في الجبل المطل على بيروت وصيدا وبه الضحاك بن جندل رئيس وادي التيم قد تغلب عليه وامتنع به وتحاماه المسلمون والافرنج يحتمي من كل طائفة بالاخرى فسار إليه وملكه من وقته وعظم ذلك على الافرنج فساروا إلى جوران وعاثوا في نواحيها فاحتشد هو واستنجد بالتركمان وسار حتى نزل قبالتهم وجهز العسكر هنالك وخرج في البر وأناخ على طبرية وعكا فاكتسح نواحيها وامتلأت أيدي عسكره بالغنائم والسبي وانتهى الخبر إلى الافرنج بمكانهم من بلاد حوران فأجفلوا إلى بلادهم وعاد هو إلى دمشق وراسله الافرنج في تجديد الهدنة فهادنهم.

.مقتل شمس الملوك وولاية أخيه شهاب الدين محمود.

كان شمس الملوك سيء السيرة كثير الظلم والعدوان على رعيته مرهف الحد لاهله وأصحابه حتى انه وثب عليه بعض مماليك جده سنة سبع وعشرين وعلاه بالسيف ليقتله فأخذ وضرب أقر على جماعة داخلوه فقتلهم وقتل معهم أخاه سونج فتنكر الناس له وأشيع عنه بأنه كاتب عماد الدين زنكي ليملكه دمشق واستحثه في الوصول لئلا يسلم البلد إلى الافرنج فسار زنكي فصدق الناس الاشاعة وانتقض أصحاب أبيه لذلك وشكو الامه فأشفقت ثم تقدمت إلى غلمانه بقتله في ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وقيل أنه اتهم أمه بالحاجب يوسف بن فيروز فاعتزم على قتلها فهرب يوسف وقتله أمه ولما قتل ولى أخوه شهاب الدين محمود من بعده ووصل أتابك زنكي بعد مقتل فحاصر دمشق من ميدان الحصار وجدوا في مدافعته والامتناع عليه وقام في ذلك معين الدين أنز مملوك جده طغراكين مقاما محمودا وجلا في المدافعة والحصار ثم وصل رسول المسترشد أبو بكر بن بهثر الجزري إلى أتابك زنكي يأمره بمسالمة صاحب دمشق الملك البارسلان شهاب الدين محمود وصلحه معه فرحل عن دمشق منتصف السنة.

.استيلاء شهاب الدين محمود على حمص.

كانت حمص لقيرجان بن قراجا ولولده من بعده والموالي بها من قبلهما وطالبهم عماد الدين زنكي في تسليمها وضايقهم في نواحيها فراسلوا شهاب الدين صاحب دمشق في أن يملكها ويعوضهم عنها بتدمر فأجاب واستولى على حمص وسار إليها سنة ثلاثين وأقطعها لمملوك جده معين الدين أنز وأنزل معه حامية من عسكره ورجع إلى دمشق واستأذنه الحاجب يوسف بن فيروز في العود من تدمر إلى دمشق وقد كان هرب إليها كما قدمناه وكان جماعة من الموالى منحرفين عنه بسبب ما تقدم في مقتل سونج فنكروا ذلك فلاطفهم ابن فيروز واسترضاهم وحلف لهم انه لا يتولى شيئا من الامور ولما دخل رجع إلى حاله فوثبوا عليه وقتلوه وخيموا بظاهر دمشق واشتطوا في الطلب فلم يسعفوا بكلمة فلحقوا بشمس الدولة محمد بن تاج الملوك في بعلبك وبثوا السرايا إلى دمشق فعاثت في نواحيها حتى أسعفهم شهاب الدين بكل ما طلبوه فرجعوا إلى ظاهر دمشق وخرج لهم شهاب الدين وتحالفوا ودخلوا إلى البلد وولى مرواش كبيرهم على العساكر وجعل إليه الحل والعقد في دولته والله أعلم.